Tuesday, 19 March 2013

اين حرسك يا شيخ؟




بدأت زياراتي لدبي منذ عام ١٩٩٥ واصبحت متكررة بمعدل كل ثلاثة او ستة اشهر لذا استطيع ان ادعي انني شاهد علي التطور المذهل والنهضة الحقيقية والتطور المبدع الذي خاضته دبي والذي دون ادني شك من جانبي يدرس في المدارس والجامعات كنموذج لبناء وتعمير وتطوير الدول والمدن في عصرنا. بغض النظر عن اعجابي بما قامت به دبي لنفسها او عن غيرتي ان تكون دبي هي التي تقفز الي الامام هكذا في حين تتقهقر مصر يوما تلو الاخر الي الوراء فاني هنا لست بصدد وصف دبي ولا تقدمها ... فقط ساروي لكم مشاهدة لي هناك اظنها ذات دلالات. قبل ان لبدأ روايتي اود ان نرجع سريعا الي تعريف كلمة “شيخ” في لغتنا الجميلة:

الشيخ في الاصل هو المسن او من وصل الي مرحلة الشيخوخة ، ولكن لان هذه المرحلة يصلها الانسان محملا بكثير من الحكمة فاصبح معني “شيخ” يضم بين جوانحه معان تضيف لصاحب اللقب الحكمة والرجاجة وبين اهل الدين اصبح اللقب افتراضيا يعني التبحر والفهم والعلم باصول الدين اما في البداوة وبين القبائل فاللقب تبجيل وتعظيم للمكانة حتي يصل صاحبه الي ان يكون شيخ القبيلة وقائدها وملهمها. دون تطويل اللقب في اساسه شرف لمن يحمله عن استحقاق ويتعامل مع لقبه بما يستأهله اللقب من تبجيل.

ماذا شاهدت في دبي: علي قهوة تطل علي البحيرة او النافورة الرابضة امام برج دبي قبل صلاة احدي الجمع رأيت عن بعد ثلاث رجال يرتدون زي مواطني الامارات يمشون في نشاط من ناحية في اتجاه الاخري. حين اقتربوا مني لاحظت ان بعض الناس يتقدمون من الرجل الذي في منتصف الثلاث رجال فيصافحونه ويبادلهم هو ابتسامة هادئة قبل ان يستمر في تمشيته. هذا الرجل يا سادة اتضح حين مر امامي انه الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي ... حاكم دولة يمشي دون حراسة ودون كاميرات تنتظره بل دون تأمين من اي نوع ولو كان هناك تأمين امني فعلي الاقل غير مرئي وغير مزعج لرواد المكان.

هذا الرجل يستحق المشيخة ويستحق لقب شيخ عن حق وكما عرف الكتاب معني الكلمة. هذا الرجل لا قلق لديه ان يمشي دون حراسة ولا حاجة لديه ان تصوره كاميرات اثناء تمشيته : اتدرون لماذا؟

لانه نهض بوطنه وحلم وخطط واشرك شعبه في حلمه بل ملك شعبه هذا الحلم فحققوه معا واستمروا في رفع سقف الحلم دون توقف او كلل... هكذا يكون الزعماء وهكذا تنهض الامم بمن يقودوها 

الشيخ محمد شيخ وعن جدارة وعن استحقاق دون ادني شك وان كان لدي سؤال له فسؤالي هو:

اين حرسك يا شيخ؟

ملحوظة : اكيد ان جرت انتخابات لاختيار شيخ لدبي سيكتسحها الشيخ محمد بن راشد حتي لو لم يرشح نفسه !!!

Tuesday, 19 February 2013

سر الزبيبة


سر الزبيبة

مقالي المنشور في العدد الماضي من مجلة ٧ ايام


عنوان المقال يشير الي زبيبة الصلاة حتي ندخل الي الموضوع مباشرة. ادعو القارئ الي التوقف قليلا ومحاولة استعادة ان كان لاحظها علي جبين غير مصري : هل استطعت استعادة صورة سعودي او خليجي لديه زبيبة علي جبينه؟ اثناء العمرة وانت تري المسلمين من آسيا  ( للعلم اندونيسيا اكبر بلد اسلامي عددا في العالم ) هل كانت الزبيبة ترصع جباههم؟ وانت تتسوق في اسطنبول وتري الاتراك يستجيبون الي اذان الصلاة ؛ هل حدث ان استرعي نظرك ان بياضهم مزين بدكانة زبيبة صلاة؟ الاجابة في معظم الاحوال مؤكد ستكون لا ! حسنا فما التفسير اذا؟ هل المصريين اكثر تقوي وورعا من باقي مسلمي الارض؟ وان كانوا كذلك فهل رجال المصريين هم الاتقي دون نسائهم الذين لا تظهر لهم الزبيبة المميزة؟  هل التقوي والسيمات التي علي الوجوه ( ان كانت الزبيبة تلك السمة ) موقوفة علي الرجال دون النساء؟ ولنذهب ابعد من ذلك قليلا فنطرح سؤالا بسيطا : هل ورد لنا في وصف سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام او اصحابه رضي الله عنهم وارضاهم ما يشير الي ان كان لهم زبيبة من اثر السجود؟

يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم :: ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) الفتح/آية 29 ؛ وللاسف اختصر البعض منا تفسير الاية ليكون في صورة زبيبة علي الجبهة بدلا من ان تكون علامة الصلاة والسجود في الوجه نور وبشاشة وابتسامة من يعرف ربه ويستكين الي قربه من الله سبحانه وتعالي.

للاسف هذا هو زمننا الذي يجعل البعض يحول الدين الي مظاهر دون جوهر ويجعل علامة قد يحدثها حك مقصود في سجدته هي المحك في ورعه بدلا من ان يستمسك بمبادئ وقيم اسمي تجعله مثلا يحتذي وتحبب غيره فيما وصل اليه. الاية الكريمة واضحة في ان السيمات تضئ الوجوه وتنيرها وليست باصابة في الجبين.

الزبيبة ليست ختم بان صاحبها منفذ لتعاليم وقيم الدين ان لم يحول ورعه وتمسكه بعباداته الي اسلوب حياة يترفع فيها عن الاذي وخلط الحق بالباطل. الدين معاملة وليس مظهر او ملبس؛ الدين ان لا نكذب ولا ننافق ولا نفجر في العداء والاستعداء . الدين هو كل هذا بجانب تأديتنا لعباداتنا لله سبحانه وتعالي دون تقصير او كسل او كلل.

الدين ليس مظاهر او تظاهر ؛ والاكيد ان الزبيبة ليست بعلامة ولا هي بحل !